ربما أكون الوحيد الذي يراوده هذا الشعور، لكنني أشعر بقلق بالغ إزاء إمكانية فشل لعبة Grand Theft Auto 6 (أو GTA 6 بالاسم الرسمي) على الصعيد التجاري، أو حتى عدم بلوغها للمبيعات المنشودة، الأمر الذي قد يهز أركان صناعة الألعاب بأكملها.
تتراكم لدي هذه المخاوف التشاؤمية لأسباب عديدة ومتنوعة، وسأشارككم إياها بعد لحظات. لكن دعونا نعود قليلًا إلى الوراء لنتفحص الصورة بشكل أوسع.
بشكل ظاهري، جلبت جائحة كورونا الخير لصناعة الألعاب، حيث أدرك الناس حجم وأهمية هذا القطاع وتأثيره العميق على حياتهم. لكن في الواقع، وباعتباري جزءًا لا يتجزأ من هذه الصناعة التي بدأت كهواية في سن الرابعة، وتحولت إلى عمل احترافي منذ حوالي عشر سنوات، وجدت هذا الاهتمام المتزايد "مزعجًا" للغاية.
فقد أدت "كورونا" إلى جذب فئة جديدة من اللاعبين بأساليب وأنماط استهلاك مختلفة عن الجمهور الأساسي. ورغم أنني لا أمتلك الحق في تقييد أحد، إلا أن قدوم هذه الفئة كان له دور أساسي في تبني شركات النشر لنهج يمكن وصفه بأنه فقير إبداعيًا وشحيح ماديًا. إذ أصبحنا نشهد تدفقًا غزيرًا من الألعاب الخدمية الفاشلة، وتقييدًا للإبداع، واعتمادًا شبه كامل على النسخ المحسنة أو المعاد تطويرها، وتجنبًا لمخاطرة الابتكار خوفًا من الفشل الذريع.

وبعد مرور ثلاث سنوات، وهي المدة المعتادة لتطوير الألعاب الضخمة، ظهرت نتائج هذا التحول من الشركات خلال العامين الماضيين، لتكتشف هذه الشركات أن الجمهور الذي أثر على توجهاتها ليس هو الجمهور المستهدف للألعاب، وأنه ما كان ينبغي لها اتخاذ هذا النهج منذ البداية.
ثم ظهرت "موجة" رفع أسعار الألعاب. حسنًا، أنا من المؤيدين لضرورة ارتفاع أسعار الألعاب، نظرًا لزيادة تكلفة التطوير، وأن الأسعار يجب أن تتحرك صعودًا كما هو الحال مع أي منتج استهلاكي آخر. لكن لا بد من وضع معايير وأسس محددة لآلية التسعير. أنا أطالب بتسعير عادل لكل لعبة على حدة. و"بصراحة"، إذا كان المطور يرى أن لعبته تستحق 80 دولارًا، فلا مشكلة لدي إطلاقًا، ولكن إذا لم تكن كذلك، فعليه تقديمها بسعر أقل يناسب قيمتها الحقيقية.
ولعل ما قامت به Take-Two وشركتها 2K في تسعير لعبة Mafia: The Old Country كان مفاجئًا للجميع عندما طرحوها بسعر 50 دولارًا فقط. تكمن المفاجأة هنا أولًا في أن Take-Two ليست متساهلة عادةً في شؤونها التجارية -وهي الشركة الأم لـ Rockstar Games، مطورة Grand Theft Auto 6-. هذا بالإضافة إلى حقيقة أن سلسلة Mafia تتمتع بشعبية لا يستهان بها، وإن لم تكن ضخمة.
في الواقع، يعود خوفي من فشل لعبة Grand Theft Auto 6 إلى أسباب مماثلة لوضع استحواذ Microsoft على Activision Blizzard، حيث أصبح جزء كبير وهام من الصناعة في يد كيان أو اثنين فقط. وأي مشكلة تصيب هذين الكيانين، قد تغرقنا جميعًا وتُدخل الصناعة في حالة من الضياع قد تستغرق سنوات للخروج منها.

ولكن دعونا لا نبتعد كثيرًا عن الموضوع الرئيسي. بدأنا بجائحة كورونا وبتسعير الألعاب، وبالطبع لا يمكننا نسيان استحواذ Microsoft على Activision Blizzard، الأمر الذي أثر بشكل كبير على جميع الشركات والاستوديوهات التابعة لـ Xbox، ليس فقط بسبب عمليات التسريح الجماعي للموظفين، بل أيضًا في التحول الكامل في استراتيجية الشركة واتجاهها لتصبح ناشرًا طرفًا ثالثًا مع البدء في إطلاق الألعاب على الأجهزة المنافسة، وعلى رأسها Sony PlayStation. والسبب واضح: مبيعات Call of Duty والإيرادات الهائلة التي تدخلها إلى خزائن عملاق التكنولوجيا، ورغبة الشركة في تحقيق نمو وتعزيز ما هو مربح بالفعل.
تخيل فقط.. تصدر Grand Theft Auto 6 في موعدها المحدد العام القادم.. وأنا أشك في ذلك.. يهرع الناس لشرائها.. يتفاجأ البعض بسعرها الباهظ.. يحجم البعض وينتظر تخفيضًا.. ويعود للعب Grand Theft Auto 5.. تصدر Take-Two بيانًا بالإعلان عن مبيعات مليونية.. لكنها فشلت في تحقيق التوقعات.. يتأثر سهم Take-Two بشكل بالغ.. وتبدأ الشركات الأخرى بالشعور بالذعر.. وندخل في دوامة جديدة من الفقر الإبداعي والجشع التجاري.
ولكن هناك شعاع من الأمل يلوح في الأفق.. ففي الجانب المشرق من هذا السيناريو، قد يكون تسعير Grand Theft Auto 6 المبالغ فيه (وهو غير مؤكد بشكل قاطع حتى الآن) هو حبل النجاة الذي ينقذ الصناعة من الغرق في الهاوية.
شاركونا بآرائكم في قسم التعليقات!
// مقالات الرأي تعبر فقط عن وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة آراء أو توجهات فريق سعودي جيمر.